صياغة جديدة لموازنة 2023 تتفق مع الرؤية الاقتصادية
د. خير أبو صعيليك
يتوجب على حكومة الدكتور بشر الخصاونة ان تتقدم الى مجلس الامة بمشروع قانون الموازنة العامة لعام 2023 خلال ايام وتحديداً قبل بداية شهر كانون الاول المقبل وذلك امتثالاً لنص المادة 112 من الدستور.
الجديد في قانون الموازنة العامة العام المقبل من حيث الشكل هو ظهورها برأس واحد وليس كموازنتين مستقلتين – الموازنة العامة وموازنة الوحدات المستقلة – كما كان يحدث في السنوات السابقة والسبب في ذلك التعديل الدستوري الذي تم اقراره على المادة 112 بداية هذا العام بحيث اصبح النص “ يقدم مشروع قانون الموازنة العامة متضمناً موازنــات الوحــدات الحكومية إلى مجلس الأمة قبل ابتداء السنة المالية بشهر واحد على الأقل للنظر فـيه
وفق أحكام الدستـور”.
أما من حيث المضمون فمن المفترض ان تراعي الموازنة العامة مخرجات رؤية التحديث الاقتصادي، فالموازنة تمثلُ خطة الدولة الاقتصادية لسنة كاملة وقد تعهدت الحكومة امام جلالة الملك بتنفيذ المشروع الوطني للتحديث بمساراته الثلاثة ومن ضمنها رؤية التحديث الاقتصادي.
من المفترض ان تبنى الموازنة العامة بشكل جديد يتفق مع المحركات الثمانية التي رسمتها الرؤية للتنفيذ وهي:- الصناعات عالية القيمة، الخدمات المستقبلية، الأردن وجهة عالمية، الريادة والابداع، الموارد المستدامة، الاستثمار، بيئة مستدامة ونوعية الحياة.
ملخص مخرجات الرؤية تتحدث عن خلق مليون فرصة عمل خلال عشرة اعوام، كما يتطلب تحقيق الرؤية جلب استثمارات وتمويل بقيمة 41 مليار دينار وبمعدل يتجاوز 4 مليارات دينار سنوياً، تغطي الحكومة ربع هذا المبلغ تقريباً وبما يعادل 1.1 مليار دينار سنويا” فيما يتم تغطية المتبقي من خلال الاستثمار المحلي والأجنبي المباشر والشراكات بين القطاعين العام والخاص، وهذا يعني بالضرورة انعكاس مساهمة الحكومة في بند النفقات الرأسمالية.
ولعلها دعوة الى الحكومة للنظر في التشوه الملازم لبند النفقات الرأسمالية والذي لم يتحقق خلال السنوات الخمس الاخيرة حيث كان ينظر الى هذا البند على انه احتياطي يستخدم للحالات الطارئة وهذا تماماً ما حدث في ميزانية العام الحالي 2022 حيث تمت اعادة توجيه مبلغ يقارب 400 مليون دينار من بند الانفاق الرأسمالي لتغطية فرق دعم المشتقات النفطية وذلك كنتيجة لقرار الحكومة بتثبيت اسعار المشتقات خلال النصف الاول من هذا العام دون زيادة، هذا عدا عن وجود رواتب ونفقات تشغيلية في بند الانفاق الرأسمالي مما يتطلب ازالة التشوه من هذا البند وتوجيهه نحو محركات التنفيذ الثمانية الواردة في رؤية التحديث الاقتصادي.
كما ان التشوه طال بند مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص والتي لم ينفق عليها ما تم اقراره في مشروع قانون الموازنة العامة للاعوام 2020، 2021 والعام الحالي 2022.
اما نسبة نمو الناتج الإجمالي المحلي بالأسعار الثابتة المقدرة في موازنة العام القادم فستكون 2.7 ٪ طبقاً لبلاغ الموازنة الصادر عن الحكومة، كما ان النسبة التأشيرية لموازنة عام 2024 ستكون 3 ٪ وهذه النسب لا تتطابق مع النسب المستهدفة في الرؤية وهو ما يستوجب التوضيح من الحكومة وسيكون بلا شك مجالا واسعا لنقاش السادة النواب عند احالة مشروع القانون على اللجنة المالية.
صحيح ان تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي يحتاج الى اصلاحات ادارية مرافقة تتمثل في معالجة الضعف الذي اصاب الادارة العامة ولكن الانعكاس المالي المتمثل في صياغة الموازنة العامة هو العنصر الاساس، وهذا يعني بالضرورة ان الرؤية الاقتصادية هي ركنٌ اساس في مشروع التحديث الوطني وتنفيذها ملزم للجميع كما اكد جلالة الملك إبان ترؤسه اجتماع مجلس الوزراء نهاية الاسبوع الماضي ما يعني ان الحكومة ملزمة بصياغة جديدة وغير تقليدية للموازنة العامة تتفق وتتماشى مع الاهداف التنموية الواردة في رؤية التحديث الاقتصادي وبما يفضي لتلمس آثارها من قبل المواطن.